مقدمة
القسم الأول: الإطار النظري والقانوني للمنظمات الدولية
الفصل الأول: بنيان المنظمات الدولية
المبحث الأول : المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية
تنشأ المنظمة الدولية من خلال تراضي الدول الراغبة في إنشاء هذه المنظمة ويتم إفراغ هذا التراضي في وثيقة تختلف تسميتها ولكنها تؤدي نفس المعنى وعلى سبيل المثال قد يطلق على هذه الوثيقة "اتفاقية "كما هو الحال في اتفاقية "بريتون وودز "المنشأة لمنظمة البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي، أو يطلق عليها "معاهدة "كما هو الحال في منظمة الاتحاد الأوربي أو تسمى "عهد "كما كان الحال في منظمة العمل الدولية وقد يطلق عليها "ميثاق" مثلما هو الحال في منظمة الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية وكذلك قد يطلق عليها "النظام الأساسي"
أ )اعتبار الوثيقة المنشأة للمنظمة الدولية ذات طبيعة دستورية:
يذهب المنادين بهذا الاتجاه إلى أن الوثيقة التي تنشأ بموجبها المنظمات الدولية هي أشبه بالدستور في القوانين الداخلية لأن تلك الوثيقة تنظم تأسيس هذه المنظمات وتبين اختصاصاتها ووظائفها والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها وتنشئ أجهزتها وفروعها وتحدد سلطاتها وعلاقة كل منها بالآخر، ومن ثم تعتبر مصدرا أعلى لقانون المنظمة وهذه هي صفات أو خصائص أي دستور داخل أي دولة حيث يحدد مقومات الدولة الأساسية ويعلو على ما سواه من قوانين
ب )الوثيقة المنشأة للمنظمة الدولية معاهدة دولية:
يرى القائلين بهذا الرأي أن الدولة التي تتراضى على إنشاء منظمة دولية تفرغ هذا التراضي في شكل معاهدة دولية تعبر عن تلاقي إرادات هذه الدول ومن ثم تعتبر الوثائق المنشأة للمنظمات الدولية معاهدات دولية تخضع من حيث التفاوض عليها وانعقادها والتصديق عليها وسريانها لقانون المعاهدات الدولية المعروف في مجال القانون الدولي باتفاقية "فيينا "لقانون المعاهدات لعام المادة الخامسة من هذه الاتفاقية على انطباق نصوصها على كل المعاهدات تعد ميثاقا منشئا لمنظمة دولية وعلى كل معاهدة يتم إقرارها داخل إحدى المنظمات الدولية مع مراعاة طبيعة نشاط كل منظمة وأهدافها
ج )الوثيقة المنشأة للمنظمة الدولية ذات طبيعة مزدوجة:
يذهب فريق فقهي ثالث إلى القول بالطبيعة المزدوجة للوثيقة المنشة للمنظمة الدولية فهو يجمع بين كونه معاهدة من زاوية ودستور من زاوية أخرى وعلى سبيل المثال يفرق بعض هذا الجانب بين شكل ومضمون هذه الوثيقة حيث تخضع هذه الوثيقة من ناحية الشكل لأحكام الاتفاقات الدولية ولكنها مضمونها وأحكامها من الناحية الموضوعية تعد ذات طابع دستوري
المبحث الثاني : خصائص الميثاق المنشئ للمنظمة الدولية
بالرغم من أن الميثاق المنشئ للمنظمة الدولية ما هو الا معاهدة دولية كبقية المعاهدات الدولية الا أنه ينفرد عنها بمجموعة من الخصائص تميزه عن بقية المعاهدات الدولية ؛ . الميثاق المنشئ للمنظمة الدولية ينشئ لنا
1 - شخصا قانونيا جديدا له قدر من الذاتية والجدير بالذكر هنا أن الميثاق المنشئ للمنظمة الدولية يعتبر القانون الأعلى لها فهو يحتل المرتبة الأولي بالنسبة لما تصدره هذه المنظمة من قواعد تشريعية . هذا الميثاق هو الذي يحدد الأجهزة التي تتكون منها المنظمة وهو الذي يقوم بمهمة توزيع
2 - الاختصاصات فيما بين هذه الأجهزة وعادة ما يقوم الميثاق المنشئ بالنص على الأجهزة الرئيسية تاركا لكل جهاز سلطة انشاء الأجهزة الفرعية اللازمة لممارسة الاختصاص الموكول له
3- . ويتميز أخيرا الميثاق المنشئ بخصيصة عدم جواز ابداء تحفظات بشأن أحكامه الا إذا نص الميثاق علي خلاف ذلك و أساس هذه الخصيصة هو الحرص علي تحقيق هدف المنظمة علي أكمل وجه